كده وكده .. بقلم د.غادة شريف

كده وكده

بقلم
د. غادة شريف

٤/ ١٠/ ٢٠١١

ياريت حضرتك تطلب واحد شاى على حسابى ثم
تجلس مسترخيا مغروسا فى الكرسى.. امسك الآن بكوب الشاى وانظر يمينا ويسارا
وتأمل فى ملكوت الله من حولك ثم أخبرنى.. ألا ترى أن كل شىء من حولنا أصبح
كده وكده؟..
لقد خلعنا حسنى مبارك.. ولكن بعد أن تتأمل فى اللى صار
واللى كان ستجد أنه ما تخلعش قوى يعنى.. هو كده وكده.. مازالت القرارات
تتخذ ببطئه والأفواه تكمم كما كان فى عهده.. وكأنه أصبح هناك من ينوب عنه
فى الحكم بينما هو قاعد مستريح أربعة وعشرين قيراط.. ثم انظر حولك مرة
أخرى.. لقد قامت ثورة لإسقاط النظام.. ثم.. هو لم يسقط قوى يعنى.. لقد سقط
كده وكده.. مازالت الهياكل الإدارية فى المؤسسات كما هى وعلى نفس النهج..
ثم انظر مرة أخرى معلش عشان خاطرى..
لقد بدأ عهد جديد من الحرية
خصوصا حرية الرأى.. لكن بعد ما حدث لـ«روزاليوسف» و«صوت الأمة».. هى مش
حرية قوى يعنى.. هى كده وكده.. برضه لن يضر إذا قطعنا ورقة من جورنال هنا
أو هناك.. وقالك من بعد الثورة لن تكون هناك قيود على الإعلام ولهذا إلغى
وزارة الإعلام يا جدع.. ثم.. معلش بس هنرجعها مؤقتا ثم سنلغيها تانى ولك أن
تعتبرها رجعت كده وكده.. ثم قالك أطلق الفضائيات يا جدع، وآدى رشة فضائيات
جديدة تحية مننا للعريس والعروسة وسمعونا سلام يا عوازل فلفلوا.. ثم فجأة
تغلق قناة الجزيرة ويتوقف إصدار التراخيص لقنوات جديدة.. فتكتشف سيادتك أن
حتى برطعة إطلاق الفضائيات كانت أيضا كده وكده.. ثم بعد ذلك أتاك الربيع
الطلق يختال ضاحكا وقالك خلاص ما تزقش هنلغى قانون الطوارئ.. ثم.. تكتشف
أننا مش هنلغيه قوى يعنى.. هو إلغاء كده وكده، برضه لا يجب أن تنسى أن
مصر.. أمك.. مستهدفة.. لسه برضه مصمم على إلغاء قانون الطوارئ؟..
يعنى
هل تقبلها على شهامتك أن تكون أمك مستهدفة؟.. إخص عالرجالة.. ثم قالك:
أخيرا الشرطة نزلت الشارع.. ثم تكتشف أنها مش هتنزل قوى يعنى.. برضه لابد
أن تراعوا المشاعر التى جرحت والكرامة التى مش عارف إيه والمش عارف إيه...
ثم.. قالك خلاص الحزب الوطنى تم حله وحاللو يا حاللو.. وهكذا سيتم عزله..
ثم يقرر الانتخابات بالنظم التى تسهل عودة فلول الوطنى فتكتشف أنه لم يعزل
قوى يعنى.. ثم لماذا أنت حضرتك متضرر هكذا من الفلول وأعضاء المجلس
السابقين كما لو كانوا الله يرحمها زوجة أبيك؟..
ثم يعدك بعزل سياسى
للفلول.. فتكتشف بعد صدور قانون الانتخابات أنه مش هيتعزل قوى يعنى.. بل
سيتم عزله كده وكده... وقالك أخيرا ستكون هناك تعددية حزبية مما سيتيح
ديمقراطية تبادل الآراء وتداول السلطة.. فإذا بكبشة أحزاب يولدون ويتناطحون
ويتناحرون... فتكتشف أنه مش تبادل آراء قوى يعنى.. هى ديمقراطية كده
وكده.. ولك مطلق الحرية أن تقول رأيك براحتك على ألا يخالف رأيى.. قصر
الكلام، الثورة الناقصة مثل كورس المضاد الحيوى غير المكتمل.. يدخل جسمك
بجرعات محدودة أقل من الجرعات المنصوص عليها فى نشرة الدواء فلا تكفى لقتل
البكتيريا، ولكنها تضعفها فقط.. ونتيجة لهذا يتعرف على الدواء الجهاز
المناعى الخاص بالبكتيريا، فينشئ فصيلة جديدة منها مكتسبة حصانة ضد هذا
المضاد الحيوى وتكون أشد وطئا من الفصيلة القديمة.. وهذا هو ما حدث بعد
الثورة... ثورة نبيلة ولكن.. لم يمسك القائمون عليها بزمام الأمور.. فتوقفت
الجرعات الفعالة وجاء رئيس وزراء بأيد ناعمة كفى عالخبر ماجور وألقى
بزجاجة المضاد الحيوى فى البالوعة!!..
وسط هذه الجرعات المنقوصة
تنشطت فصائل النظام القديم ودرست الموقف جيدا وأدركت مدى ضعف القائمين على
الأمور فلمت شتاتها وتحورت فى شكل أحزاب جديدة وجمعيات مدنية وأنشطة خفية
وبدأت تستعيد قوتها وبطشها..
وأخيرا، وبعد نجاح الثورة كده وكده
والقبض على العصابة كده وكده، ثم تستمع لتأكيدات أنها ستكون مدنية.. فتدرك
أنها مش هتكون مدنية قوى يعنى.

المصري اليوم

» ويل للإسلام من بعض أبنائه .. مقال بقلم د/ يحيى الجمل
» كيفية تحويل الصور الى رسم بقلم الرصاص .. فوتوشوب