والأقباط.. يمتنعون! >> إيمن عبد الرسول

والأقباط.. يمتنعون!

والأقباط.. يمتنعون! >> إيمن عبد الرسول Dfastrwt34twds

للكاتب والصحفي / إيمن عبد الرسول

بينما كل الفئات تمارس إضرابها واعتصاماتها، ويوقفون الطرق
والمصالح، والكل هايج في هوجة يناير التي دخلت شهرها التاسع، ولا بد من
إجهاضها لأن الجنين مشوَّه، والعلاقة غير شرعية بين الضحية ومغتصبها،
ولأنهم اتجوزوا في القسم بعد محضر اغتصاب، فكان لا بد أن يجري كل ما جرى،
شعب متعصّب بالفطرة منذ أن وحَّد إلهه إخناتون، وهاجم آلهة التانيين، شعب
يمارس العنف في كل حركاته وسكناته، احتقان جنسي وكبت طائفي، وسلفيون من
الجانبين كل منهم يدَّعي أنه صاحب الوطن، وكأن الوطن عزبة أبوهم، وعسكر لا
يفهم في السياسة،

وسياسيون لا يفهمون في الإدارة ونُخب لم تعرف إطلاقًا سمات الشعب الذي من
المفترض أن تقوده إلى الرفاهية، فتقودها حساباتها في البنوك إلى حيث تصطدم
مع الشعب، ثورة لم تعرف لماذا قامت ومن خلفها، وكيف تحقق مطالبها، رئيس
وزراء لا يملك أن يتخذ قرارًا، وزراء مصابون بالعجز، ومجلس عسكري لم يزل
يدير الأمور بمنطق سلفه الذي فوَّض له الحكم!
كيف يمكنني أن أعتذر للأقباط الذين يدفعون فواتير رخاوة الدولة
ودولة البلطجية والفوضى، ولماذا هم فقط الذين تواجه مسيراتهم السلمية التي
لا تقطع طريقًا ولا تحرق منشأة، بالدهس تحت عجلات حربية، وكيف يمكن أن ينظر
المشير في المرآة هذا الصباح وهو الذي أذلنا ومجلسه العسكري بأنه حمى
الثورة، وكيف نواجه إسرائيل التي لم تفعل ما فعله جنود الاحتلال المصريين
لماسبيرو الأحد ضد الفلسطينيين، وكيف لا نصدِّق ما كتبه مايكل منير
المعرَّض للموت هو الآخر عن أن "الشعب والجيش عمرهم ما كانوا إيد واحدة!

كل الفئات بلا استثناء قامت بإضرابات واعتصامات ومسيرات، وحققت
أغلب مطالبها، كل الفئات استغلت الهوجة، وركبها الإخوان والسلفيون،
وإعلاميو نظام مبارك الذين أصبحوا بقدرة فاجر ثوريين بل وأكثر من الثوريين
في المزايدة، كل كلاب النظام السابق عوت ضده الآن، ومنذ قيام الهوجة، والكل
بما فيهم دعاة الفتنة والعار الذين لعقوا أحذية الحكام، كل الحكام ثم
أفتوا فيهم هم نفس الحكام بالقتل بعد الثورة، السلفيين أسسوا أحزابًا،
والقتلة أعضاء الجماعات الجهادية والإرهابيين، خرجوا ليمارسوا دورهم في
تكفيرنا جميعًا، وتخليص حقهم بعد أعوامًا طويلة في غياهب السجون، الكل أخذ
ما يريد، إلا الأقباط، ومع ذلك هناك من المسلمين والسياسيين من يرى أن
أقباطنا الأقلية الأكثر نيلاً لحقوقهم في العالم!

الأقباط وحدهم يجب أن يمتنعوا عن الصلاة، وإظهار الصلبان،
وإعلاء الأجراس، حتى لا يستفزوا الأغلبية، الأغلبية التي كان يعرف جيدًا
كيف يحكمها العسكر رئيسًا بعد رئيس، الأغلبية التي ما إن استنشقت رحيق
الحرية الهوجاء حتى اكتشفت أن أهم أولوياتها هي القضاء على الأقباط،
واسترداد الأسيرات المسلمات في الكنائس، وحرق الكنائس بل والأقباط أنفسهم،
ومن القديسين المتهم فيها العادلي، وإلى أسوان إدفو لا يعرف الأقباط في
بلدي ماذا جنوه حتى يحاسبوا على مشاريب الهوجة التي توقعت أن تنصفهم
فجاءتهم لتنسفهم!

الأقباط يجب أن يمتنعوا عن الحياة حتى لا يزاحموا الأغلبية
الغوغائية الهمجية في هواء الوطن، عليهم الخضوع والذلة والمسكنة أو الرحيل
لو كانوا لا يجيدون فن المسكنة، والعسكر الذين لم يقبضوا على مفجري أحداث
صول وإمبابة، والمنيا وأسوان، يقتلون القبط أمام ماسبيرو، ثم يحتسون القهوة
على رائحة الدماء، ويقف أسامة الشريف الفقي وزير الإعلام ليتحدث عن
الأيادي الخارجية، ومؤامرة إسقاط الدولة، الدولة التي غابت منذ تولي المجلس
الأعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد، ستسقطها مظاهرات الأقباط، الذين
يطالبون العسكر بمحاسبة زملائهم على تنكيلهم برائف يوم الأربعاء، وهل لا
ينصر العسكر بعضهم بعضًا؟!

الدولة التي لم تظهر لها هيبة عقب كل حادث يقوم به إرهابيون في
سينا وكل أرض مصر، سيسقطها طلب الأقباط لحقوقهم، وعلى الأقباط أن يمتنعوا
عن المطالبة، حتى يوقفوا عبث الأيدي الخارجية في... مصر؟!

إنها مسخرة، بل هي جريمة حرب متكاملة الأركان، وعلى المسؤول
عنها بشرف العسكرية أن يُقدم نفسه للمحاكمة العاجلة، وعلى وزير الإعلام
الذي يسير على نهج من سبقوه أن يستقيل، بل على الحكومة كلها بقيادة شرف أن
تتقدم باستقالتها، لأنها عجزت عن محاسبة محافظ أسوان الكاذب، وعجزت عن
إدارة أزمة كنيسة من ضمن كنائس عديدة تعرضت لاعتداءات من قبل بعض ممثلي
الأغلبية، التي ترى أنه ليس من حق الأقلية أن تشاركها لا في الأرض، ولا في
السماء!

وعزاؤنا للشهداء، من المصريين سواء كانوا أقباطًا أو عسكرًا,
ولكن الأقباط عليهم أن يتعلموا الدرس الصعب المرير، وهو أن ما يجري لهم
الآن نتيجة اتخاذهم من الكنيسة وطنًا، وانسحابهم من الحياة السياسية للوطن،
فظن الوطن أنهم غير موجودين على خارطته، وحتى وهم يدفعون دماءهم فداءً ليس
للوطن، ولكن للكنيسة التي يعتبرونها وطنًا!

وأقولها صريحة، وبالفم المليان: لو كنت قبطيًّا، وقيدتني تعاليم
المسيح بالمحبة، لقلت لكم.. اتركوا صليبكم.. واحملوا سلاحكم واتبعوني..
ولكنني أعرف جيدًا أنه لا سلاح لكم سوى هذا الصليب، ولا صليب لي ولا سلاح!

والأقباط.. يمتنعون! >> إيمن عبد الرسول Logonew

والأقباط.. يمتنعون! >> إيمن عبد الرسول Logonew

» محجبات فى عظة البابا.. والأقباط يصلون وسط «دعوات مليونية» للرد على السلفيين