الإفتاء: الإسلام لم يأمر بنظام سياسى محدد وربطه بظروف العصر12/12/2011
أكدت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية جواز التعددية السياسية، مشيرة إلى
وجود أدلة من فعل النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة على جوازها شرعاً،
وذلك رداً على سؤال ورد إليها عن حكم التعددية السياسية.
ولفتت الفتوى إلى تعريفها للتعددية السياسية التى تتناولها، مؤكدة أنها
تعنى كثرة الآراء السياسية المنبثقة فى الغالب عن طريق ما يسمى بالأحزاب
السياسية، التى يتكون كل منها من مجموعة من الناس لهم آراء متقاربة،
يحاولون تطبيقها عن طريق التمثيل النيابى أو الوزارى أو حتى عن طريق الوصول
للرئاسة.
وأوضحت الفتوى أن الشريعة الإسلامية لم تأمر بنظام سياسى محدد، بل تعددت
الأنظمة التى أقرها فقهاء الأمة على مر العصور بدءاً من عصر النبى صلى الله
عليه وسلم وصحابته الكرام، وحول طبيعة النظام السياسى فى الإسلام طرحت
الفتوى سؤالا: هل أمر الشرع بنظام سياسى معين؟ وأجابت مؤكدة أن هذا لم
يحدث، حيث ترك الشرع الباب مفتوحاً أمام اجتهادات تناسب العصور والأماكن
المختلفة، وهذه هى طبيعة تعامل الشريعة مع كل القضايا التى تحتمل التغيير.
واستدلت الفتوى بطريقة تعيين الخليفة الأول والثانى والثالث، حيث لم ينص
النبى - صلى الله عليه وسلم- على الخليفة من بعده، واختار المسلمون أبا بكر
رضى الله عنه، ثم قام أبو بكر بتعيين عمر خليفة من بعده، ثم قام عمر
بتعيين ستة ينتخب منهم واحد.
وعلقت الفتوى على ذلك بأنه يدل على سعة الأمر، وجواز إظهار بدائل جديدة لا
تخرج عن جوهر الأحكام الشرعية، مؤكدة أن الفقهاء على مر العصور بَنَوا
آراءهم الفقهية على ما تم حدوثه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته
الكرام.
وعن الأدلة الشرعية للتعددية السياسية أوردت الفتوى مجموعة من المواقف حدثت
فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤكد تعامله صلى الله عليه وسلم مع
المخالف له فى الرأى من الصحابة وإقراره له على المخالفة وحواره معه منها
ما حدث من عمر رضى الله عنه يوم الحديبية، ومنها ما حدث مع الأنصار فى غزوة
حنين وقت توزيع الغنائم، والتى أكدت الفتوى أنها تدل جميعها على إقرار
النبى صلى الله عليه وسلم للمخالف على موقفه ونقاشه معه.
لكن الفتوى أوضحت ضرورة الالتزام بأدب الخلاف أولا، وضرورة أن تكون هذه
التعددية فى إطار قانونى يتعارف عليه المجتمع، من خلال مجلس للشورى أو
خلافه. وعن واجب الجمهور إزاء تلك التعددية أكدت الفتوى أن من يدلى بصوته
لاختيار أى من تلك الأحزاب ينبغى أن يتق الله فى صوته وأن يتحرى مصلحة
الأمة ما استطاع، مستشهدة بقوله تعالى: "ستكتب شهادتهم ويسألون".