غضب وإدانة في الأوساط السياسية المصرية بعد تطبيق قانون الطوارئ12/9/2011
أثار إعلان المجلس العسكري المصري تفعيل بعض أحكام قانون
الطوارئ بمصر غضباً شديداً بين القوى السياسية المصرية، خاصة ما يتعلق
بحرية الإعلام والصحافة وفرض عقوبات على كل من بث أخباراً كاذبة أو شائعات،
واعتبره البعض بمثابة إعلان وفاة للثورة المصرية، خاصة أنه قانون يتشابه
في كثير من مواده مع قانون الطوارئ السوري، وطالب خبراء ومرشحون للرئاسة
بسرعة الانتقال إلى حكم مدني بدلاً من تطبيق قانون الطوارئ.
وأدان ائتلاف شباب الثورة قرار الحكومة بذلك خاصة في ما يتعلق بحرية
الإعلام وإغلاق قنوات فضائية، واعتبر شباب الثورة أن ذلك كان من أدوات
النظام البائد،
ومن المنتظر أن تصدر منظمات حقوقية مصرية بيانات غداً الثلاثاء حول هذا القرار وتبعاته.
وبموجب هذا القانون يصبح أي شخص ينتقد أداء المجلس العسكري أو الحكومة المصرية عرضة للمساءلة القانونية.
جدل حول مشروعية القانون وأصدر المجلس العسكري القرار رقم
193 لسنة 2011، بتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010
والخاص بحالة الطوارئ في مصر.
وأوضح القرار أنه تطبق الأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ خلال مدة
سريانها على حالات مواجهة حدوث اضطرابات في الداخل وكافة أخطار الإرهاب
والإخلال بالأمن القومي والنظام العام بالبلاد، أو تمويل ذلك كله، وحيازة
الأسلحة والذخائر والاتجار فيها، وجلب وتصدير المواد المخدرة والاتجار
فيها، وكذلك على حالات مواجهة أعمال البلطجة، والاعتداء على حرية العمل
وتخريب المنشآت وتعطيل المواصلات وقطع الطرق، وبث إذاعة أخبار أو بيانات أو
شائعات كاذبة.
ويرى د. عصام دربالة، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، أن "الجماعة منحازة
دائماً للحريات ولا يجب إطلاقاً العمل بقانون الطوارئ أو العمل به، ونحن
نرى أن المحاسبة لأي إنسان يخطئ يجب أن تكون عبر القانون الطبيعي وليس أية
قوانين أخرى".
ويضيف "نرى أيضاً أن مستقبل مصر يجب أن يبنى على مزيد من الحرية الكاملة
وتوفير كافة ضماناتها، وإذا كانت هناك أي تجاوزات في الإعلام المصري الآن
فيجب أن تعالج في ظل قانون أو تشريع جديد يضمن هذه الحريات، وأن تقوم على
تنفيذه جهات قضائية طبيعية وليس محاكم أو نيابات أمن الدولة".
وفي نهاية حديثه يؤكد عصام دربالة أن القوى السياسية المصرية والجماعة
الإسلامية في مقدمتها لن تتنازل عن الحريات وعن مصداقية المجلس العسكري في
تسليمه السلطة لحكومة مدنية منتخبة، وإذا كانت هناك أخطاء من قبل بعض
المنابر الإعلامية فيجب أن تعالج هذه الأخطاء بتأسيس هيئة تشرع للعمل
الإعلامي في مصر وتضع عقوبات على من يتجاوز في أدائه وتحدد طبيعة هذا
التجاوز وأن تكون على رأس هذه الجهة قضاة مصريون طبيعيون".
أما د. عبدالله الأشعل، المرشح لرئاسة مصر، فيعتقد "أن تفعيل هذا القانون
لإرضاء الإدارة الأمريكية التي لديها رغبة في حماية السفارة الإسرائيلية
وتوجيه رسالة لها بأن مصر حازمة في حماية السفارة بعد الأحداث التي وقعت
أمامها محاولة اقتحامها".
ويعتبر الأشعل أن عجز الحكومة والمجلس العسكري عن إدارة الثورة هو أحد
أسباب تفعيل هذا القانون، ومن هنا ستظهر مشاكل أخرى ولن يسكت الشعب المصري
مرة أخرى على أي تجاوز بحقه.
تقييد للحريات ويرفض د. محمد سليم العوا، المرشح
للرئاسة، العمل بقانون الطوارئ مهما كانت الأسباب والدواعي قائلاً خلال
اللقاء الشهري لحزب الوسط بساقية عبدالمنعم الصاوي مساء أمس الأحد، "مهما
كان حجم الأحداث الأخيرة التى شهدناها جميعاً لكن هذا لا يستدعي أن يتم
العمل بهذا القانون مجدداً، خاصة أن أهم أهداف ثورة 25 يناير التي قامت من
أجلها هو أن يتم إلغاء هذا القانون".
وأعرب د. محمد البرادعي في بيان وصل "العربية نت" نسخة منه، عن قلقه البالغ
للتردي المستمر في أوضاع البلاد والتقليص المتزايد لمؤسساتها، قائلاً:
"أرى أن جزءاً كبيراً من هذا التردي يعود إلى سوء إدارة المرحلة الانتقالية
بما في ذلك غياب الرؤية والشفافية والتردد في ممارسة الصلاحيات واتخاذ
القرارات وعدم التواصل والمصارحة مع الشعب".
وأشار البرادعي إلى ان الحرية ليس معناها الفوضى ومسؤولية السلطة هي معاقبة
كل خارج عن القانون بحزم، وهو ما لم يحدث حتى الآن مع ظاهرة البلطجة. ومع
مراعاة الحق الطبيعي لكل مصري في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي، وهو للأسف
مخالفاً لما نراه من الاعتماد الزائد على المحاكمات العسكرية والاستثنائية.
ويقول د. محمد الباز، الكاتب الصحافي المصري الأستاذ بكلية الإعلام: "نحن
مازلنا نعيش في ظل أنظمة قمعية فاشية لا تستطيع معالجة أي أزمة إلا بتطبيق
القوانين الاستثنائية".
ويشير الباز إلى "أن الحكومة والمجلس العسكري أثبتا فشلاً في كل الاختبارات
والأزمات التي تشهدها مصر منذ سقوط رأس النظام السابق والدليل على ذلك
تفعيل قانون الطوارئ، وهذا القرار أعتبره إعلان وفاة للثورة المصرية،
فطبقاً لهذا القانون يمكن أن أحاسب على هذا الرأي وتعتبره السلطات المصرية
خبراً كاذباً، فلا توجد توضيحات تضبط الخبر الكاذب من الرأي وفق هذا
القانون، ويرجع ذلك إلى طبيعة البنية القانونية في كافة الأنظمة القمعية
مثل سوريا ومصر الآن حتى بعد الثورة".