«كنت أحترم كتاباتك»مقال للكاتب المميز : أيمن الجندي
أعترف بأننى حينما كتبتُ مقالى «حين لا يجدى الندم»، كنتُ متأثرا برواية
التليفزيون الرسمى، وأعترف أيضا بأن توقيت النشر لم يكن ملائما، وفى
القلوب حرقة، وفى البيوت مصيبة! ولا يمنعنى الكبْر الآن من الاعتذار، وعذرى
مواقفى السابقة التى تنحاز دائما للعدل والرحمة والإنصاف.
ولقد
وصلنى الكثير من الرسائل الغاضبة، من مسلمين ومسيحيين، وكان المسلمون-
للأمانة- أكثر غضبا ونصرة لإخوانهم الأقباط. ولقد اخترت منها هذه الرسالة
التى لم يذكر صاحبها غير اسمه الأول «أيمن»!
تقول الرسالة: «كنت
أحترم كلماتك وأقرأ لك بكل إعجاب، حتى قرأت مقالك أمس، فصُدمت برأيك
وتخيلاتك وتعليقاتك على أحداث لم تتحر دقتها، مُدعيا ترتيب الأقباط- وأنا
منهم- جريمة ماسبيرو، رغبة فى تكوين دولة قبطية بمعاونة دول أخرى!!
والآن
دعنى أسألك: ما مصادرك فى أن اشتباكا مسلحا تم بين الأقباط والجيش؟ هل هو
الإعلام المصرى الذى أخفى الحقائق وأذاع الأكاذيب؟ ألم تر الكليبات المذاعة
على الفضائيات و(يوتيوب)؟ كيف يذهب الأقباط بنية العنف، ومعهم سيدات
وكهول؟ ثم أين السيوف والسنج وزجاجات المولوتوف، وقد رأيناهم ممسكين
الصلبان، يرتّلون ويهتفون بمطالبهم المشروعة بالعدل والقانون؟ ومنذ متى كان
أقباط مصر يستخدمون العنف مهما حل بهم من ظلم وعدوان؟ وأين الادعاءات
السابقة بوجود أسلحة ومختطفات بالكنائس، وقد اقتحم المجرمون كنائس عدة فلم
يجدوا شيئا!!
وأين موقف الجيش عند إحراق كنائسنا وهدمها أمام أعين
الجيش والشرطة وفى حمايتهما وبمباركتهما؟ أين كانوا والسلفيون يروّعون
الأقباط فى أطفيح وصول وإمبابة أو عند قطع أذن مسيحى ظلما وعدواناً؟ أين
الردع والحماية والعدل وحفظ الأمن والاستقرار؟
لقد كنت هناك منذ
انطلقنا من شبرا، حيث هاجمنا، دون سبب، بلطجية متعصبون وسلفيون فى السبتية
وأسفل كوبرى أحمد بدوى وشارع الجلاء، ومع ذلك تخطيناهم سلميا فأين كانت
أسلحتنا؟! ما إن وصلنا ماسبيرو حتى فوجئنا بعنف لا مبرر له من الجنود
وأهالى بولاق والوكالة وبدأوا الضرب والقذف وإطلاق أعيرة نارية!! بل فوجئنا
بخروج مدرعات بسرعة شديدة تخترق صفوفنا وتدهسنا بلا رحمة وحتى بلا تحذير
أو إنذار مسبق!!
أصابنا الهلع والصدمة ونحن نجرى فى كل الاتجاهات، ثم
أصبحنا فى غاية الغضب والثورة وشهداؤنا يتساقطون والمصابون يتألمون فبدأنا
استخدام الحجارة والخشب فى الدفاع عن حياتنا ومقاومة الهجوم العنيف
الإجرامى، ولكن بماذا تنفع الحجارة أمام مدرعات حتى زجاجها لا يتأثر بشىء.
ولمعلوماتك
المدرعات هى التى اقتحمت الأرصفة وصدمت سيارات مواطنين مما أوحى لبعضنا
باستخدام السيارات المتوقفة كدروع تحمينا وتوقف سرعة المدرعات. ولما تعطلت
مدرعة صعدت الرصيف خلفنا وانحشرت بين سيارتين قام بعضنا بمهاجمتها وحاول
بعضنا حرقها مشبعين بالغضب لقتل شهدائنا بهذه الوحشية اللا إنسانية، وخرج
المجنّد سائقها فحاول الجمع الغاضب الاعتداء عليه بالضرب لقتله ودهسه
العديد منا، ولكن حماه قسيس كان قريبا من الحدث، وتحمل عنه الضرب حتى تسلمه
زملاؤه الجنود المعتدون. وهذا مثال واحد فقط، واصفا بصدق أمام الله ما
حدث. أما الافتراء والادعاء بغير ذلك كما شهد جنود الأمن والجيش، تنفيذا
لأوامر رؤسائهم وتبريرا لجرائمهم، فسأقول لكم ولهم: ربنا موجود وهو عادل
وصادق ولن يرضى بما حدث من جرائم تُختتم بأكاذيب.
وفى النهاية لا
أملك الآن سوى أن أسألك تحرى الصدق فى وصف ما حدث، وأقول لكم قد عزّانا
الرب من قبل قائلا: (أدافع عنكم وأنتم صامتون). وما أدراك ما عمل الله، ملك
السماء والأرض؟!».
المصري اليوم